جاسر
زفت أنت
ضړب ساقها وقاللمي لسانك يا حلوة...
نظرت إليه شزرا وأكملت طعامها ب توتر..ثوان وشعرت روجيدا ب قدم جاسر لتزداد حمرة وجهها وهى تحاول إبعاد ساقها عنه ب شتى الطرق..ولكنه لم يتوقف..نظرت إلى وجهه ف وجدته هادئ وكأنه لا يفعل أي شئ
شعرت الصغيرة ب حركات غريبة تحدث أسفل الطاولة ف رفعت غطاء الطاولة الأبيض ثم نظرت أسفله ب عقدة حاجب لتخفضه ثم إلى والدها وتساءلت ب براءة طفولية
بصقت روجيدا العصير التي كانت ترتشفه و جاسر قد علق الطعام ب حلقه وهو يرى الجميع ينظر إليهما ب تعجب..ثم إنفجروا ضاحكين بينما روجيدا تخفي وجهها خجلا وتنزلق أسفل الغطاء..وضع جاسر وجهه ب صحن طعامه وهو يوضع لأول مرة ب هذا المشهد المحرج وكل ذلك بسبب تلك الطفلة التي تفقده عقله
بعد إذنكوا..شبعت...
ولم تنتظر رد أحد بل إندفعت خارجا تختفي من أمامهم..رفعت الصغيرة رأس والدها وتساءلت مرة أخرى
مش قولتلي يا بابي..كنت بتعمل إيه ف رجل مامي!...
عاد الجميع يضحك لينظر إلى طفلته شزرا ثم هتف ب يأس
يعني أعمل إيه!!..أغرقك ف طبق الشوربة دا وأستريح...
أوعي أما اشوف أمك بدل ما ټنتحر من الكسفة...
الفصل ١٤
الحب أشد أنواع السحر فاعلية...
وقف جاسر ب منتصف الحديقة يبحث عن روجيدا ف وجدها تجلس أسفل شجرة ما تضم ساقيها إلى صدرها وتخفي وجهها بهم..ليتجه إليها ثم جثى على ركبيته وهتف ب هدوء
رفعت روجيدا وجهها سريعا إليه وكم أهلكه مشهدها..كانت رائعة ب تلك الحمرة التي غزت وجنتيها وطرف أنفها..شفتيها التي تعضها حتى أدمتهما..وضع يده على يدها وقال ب إبتسامة خفيفة
محصلش حاجة لكل دا..أنتي عارفة جلنار...
لم ترد عليه بل ترقرقت العبرات ب عينيها أبت لهم أن تهطل..ليجلس ب كامل جسده ثم جذب يدها إليه وقال ب حنو ونبرة مطمئنة
أغمضت عيناها وقالت ب حسرةهيقولوا عليا إيه دلوقتي!!
ضحك جاسر وقالولا أي حاجة..أنا اللي عملت مش أنتي...
نظرت إليه ب حدة ثم ما لبثت أن إنهالت عليه ب الضړب وهتفت ب صړاخ
أنت السبب..لو كنت قاعد محترم مكنش كل دا حصل...
أمسك يديها وضمهما إلى صدرها ثم قال وهو لا يزال يضحك
وأنت ملكش حكم عليا
قربها منه وهمسلأ ليا..وليا كتير أوي...
ظلت تتلوى بين يديه حتى يتركها ولكنه لم يفعل بل ظهرت التسلية الواضحة على وجهه لټنفجر ب وجهه هاتفة
إبعد بقى يا جاسر..بطل تقرب مني بطريقة تخليني أقرف من نفسي...
توقف الزمن لثوان وهو يحدق بها ب ملامح ممېتة قاټلة..أرعبتها ب طريقة جمدت الډماء ب عروقها قبل أن ينطق ب نبرة حادة
تقرفي من نفسك بسببي يا روجيدا!
لم تتوان عن الرد ب شراسةأيوة..أنت إيه صلتك بيا عشان تلمسني ب الطريقة دي...
ثوان و وجدت نفسها على بعد إنش واحد من جسده وب صوت شابه بل هو فحيح أفعى همس
أنا هوريكي طريقة تعجبك يا مراتي
صړختأنا مش مراتك...
لم يرد عليها بل نهض وجذبها معه وبلا مقدمات كان يضعها على منكبه وسط صرخاتها المستنجدة ب أحدهم..ولكن سرعة حركته و توجهه إلى أكثر غرفة تكرهها جعلها تشحب ك المۏتى
كان يتصفح بعض الأوراق التي أمامه قبل أن يدلف أحد العاملين معه ب القسم ليضع فنجان قهوته المعتاد ثم قال العامل ب إبتسامة
القهوة يا سعات الباشا
أومأ إليه شريف وقالشكرا يا عم منتصر
وضع منتصر يده على صدره وقالأنا تحت أمرك يا باشا..تؤمرني ب حاجة تانية!...
نظر إليه شريف لبرهه قبل أم يرتشف من فنجان قهوته ليقول وهو يشير إلى المقعد الذي أمامه
إقعد يا عم منتصر عاوزك ف موضوع كدا
رد الأخر ب سرعةلا يا باشا..إتفضل قول وأنا سامعك
أتاه صوت شريف يقول ب صرامةإقعد يا عم منتصر...
إنصاع الأخير لما قال شريف ليجلس أمامه ثم وضع ما ب يده على الطاولة ثم قال
إتفضل يا باشا خير!
تعرف إيه عن جابر الهواري!
توتر منتصر وقال ب تلعثمآآ..ليه..ب بتسأل يا باشا!
إبتسم شريف من زاوية فمهمن باب الفضول
إبتلع منتصر ريقه ب صعوبة وقالعاوز..تعرف إيه يا باشا!
كل حاجة...
قالها شريف وهو يحدق ب منتصر مطولا مما جعل الأخر يتصبب عرقا..ثم إلتفت إلى باب المكتب يتأكد من إغلاقه وعاد ينظر إلى الذي يحدق به وقال
بص يا باشا..الموضوع دا محدش حكى فيه من يجي ست سنين بعد أما إختفى سي جابر
إلا قولي يا عم منتصر أنت هنا من أمتى!
بقالي سنين يا باشا..من ساعة أما كنت شاب بتاع تلاتة وعشرين سنة
مط شريف شفتيه وقالأكيد على دراية ب اللي حصل!
أشاح منتصر ب يده وقالومين هنا ميعرفش!..كله يعرف كل حاجة بس محدش يجرؤ على إنه يفتح بوءه ب حرف...
نظر إليه شريف ب إستفهام قبل أن يعتدل منتصر ب
جلسته وقال
أنا هفهمك..بس دا بيني وبينك يا باشا
إنطق يا عم منتصر
وضع منتصر يده على المكتب وتشدقالموضوع بدء طار بين عيلة الهواري والصياد..الأتنين زي ما يكونوا بارود وڼار..أول ما يقربوا لبعض الدنيا تقوم متقعدش...
صمت وكأنه يسترجع ما كان ثم أكمل حديثه تحت نظرات شريف المتفحصة
الست أخت المرحوم حسين كانت متجوزة سليم بيه الله يرحمه..كانت بنت بتاع ستاشر سنة كدا..عيلة يعني..وبعدين وقعت ف غرام المحامي بتاع سليم بيه..الواد كان حليوة وحبها برضو..كانوا بيتقابلوا ف السر وأنا كنت بشوفهم ساعات وهما محسوش
تساءل شريفومرحتش قولت لجوزها ليه!
قال منتصر ب تبريريا باشا أنا عندي ولايا كنت عاوز أتستر عليهم..قولت مليش دعوة..المهم لما سليم بيه عرف..كانت المحروسة هربت مع المحامي..هو صحيح طلقها..بس دا عار ولازم يتغسل..كان راسه وألف سيف ېقتلها بس أخوها حسين وقفلهم ومرضاش ف قتلوه
رفع حاجبيه وقالب بساطة كدا!
يا بيه القټل هنا زي شرب الماية...
إزداد إرتفاع حاجبي شريف ولم يتحدث ف أكمل منتصر حديثه
طبعا جاسر بيه إبن حسين الصياد مسكتش سليم بيه علني وسط أهل البلد كلهم هنا..ومحدش قدر إنه يفتح بوءه..كل بلع لسانه وسكت..والأرض شربت الډم وأتسترت على اللي حصل..ومن هنا بدء جبروت جاسر الصياد لا حد لامه ولا حد وقف قصاده...
تقلص وجهه وهو يستمع إلى ما يحدث وكأنه يشاهد فيلم قديم..فيلم يكون به أسهل من تعلم القراءة..ولكن منتصر أكمل حديثه
هنا بقى ابن سليم بيه مسكتش اللي هو جابر..جمع رجالته وھجم على قرية الصياد..كل اللي قابله رجالة وستات..عيال صغيرة وشيوخ..حتى أخو جاسر بيه ماټ ف الحكاية دي
تساءل ب صدمةأخوه!..بس على حد علمي إنه لسه عايش..مش سامح برضو!
هز منتصر رأسه نافيا وقاللا يا باشا..أخوه التوأم أيمن..الله يرحمه بقى كان صغير جدا..سلسال ډم حصل بعدها..كان القټل والسړقة حاجة عادية..صحيح جاسر مقتلش حد من عيلة الهواري لكن دوقهم المر كاسات..بصراحة خلاهم مذلولين زي الكلاب
كمل وبعدين!
وبعدين يا باشا..الدنيا هديت فترة كام سنة وبعدها حصلت حاجات خلصت على عيلة الهواري متبقاش منها غير الست مرات جابر وعياله..جابر بيه كان نسوانجي أصيل...
ضحك منتصر ب سخرية ثم أكمل حديثه
حط عينه على مرات سامح الصياد..ولما فكر يخطفها ف يوم كان جاسر الصياد مسافر..إستغل الفرصة وكان هيخطفها..بس طلعله زي عفريت العلبة وقټله..ودفنه جثته ف الصحرا ومحدش عارف يوصلها لحد دلوقتي
هنا قريب من القرية!
أيوة يا باشا..بس جاسر الصياد دا داهية..محدش عارف سكة للچثة دي..كلنا عارفين إنه إدفن والست أمه دورت عليه ياما بس ملقتش جثته لاجل ما تدخله السچن..بس محدش لاقى حاجة..وإن جيت للحق هو يستاهل المۏتة دي
هدر شريف ب عڼفمحدش ف الدنيا يستاهل المۏت ب الطريقة دي..مهواش ملك المۏت عشان ياخد الأرواح زي ما هو عاوز
رد الأخر بسرعةلا يا باشا..دا هو يستاهل ونص..بص أنا هفهمك..عيلة الهواري كانت عيلة بتعمل كل حاجة حرام..كل الهلمة دي من مال حرام..إشي وحاجات ياما..حتى مرة كان الست مرات جاسر...
رفع شريف نظره ب صدمة وكأن صاعقة قد أصابته ليتمتم ب عدم تصديق
روجيدا!
ليقول منتصر ب تذكرأيوة هى دي يا باشا..راح يوم كتب الكتاب ضړب ڼار..حظها الأسود إن الطلقة جات فيها..لولا إن جاسر بيه لحقها كان زمانها الله يرحمها دلوقتي..بعدها الصياد جه البلد وحرقها وكسر بيوت ودمر محلات..خلا البلد هنا خړابة..ورمى جابر الهواري ف وسط البلد هنا وعلى عينك يا تاجر..كان متعذب بطريقة استغفر الله العظيم ولا الكفار..وإن جيت للحق مرة كمان..هو حذر اللي هيجي ناحية عيلته مرة تانية هيكون الجاني على روحه
طب إيه اللي حصل
بعد كدا!
رفع منكباه وقال ب جهلعلمي علمك يا باشا..بعدها ب كام شهر كدا..لاقينا الصياد دا جاي وجن جنانه ع الأخر..جاب عاليها واطيها حړق القصر خلاه كوم رماد..ودي كانت الناهية..وبعدها ست سناء أم جابر لبست كل قواضي عيلة الهواري ودخلت السچن بعدها ماټت هناك...
حك شريف ذقنه لعدة مرات دون أن يتحدث وبقى يفكر بما قيل الآن..يبدو الأمر مقنعا..الجميع يعلم الحقيقة بل الأفظع أن العائلة لم تكن نظيفة
وذلك الجاسر لم تصرف ب حنكة ذكاء..تم جابر خارج قريته حتى إذا ما تم إلقاء القبض عليه يدعي أنه دفاعا عن النفس خصوصا أن الحاډث كان قريبا من قرية الصياد..كما أنه بدى كمن أسدى خدمة إلى الشرطة لتخلصه من جابر وتلك العائلة
تنهد شريف ثم قال وهو يشير إلى منتصر
طب روح أنت يا عم منتصر..وشكرا على كل حاجة
نهض منتصر وقالبس أنا مقولتلكش حاجة يا باشا
إبتسم وقالمتقلقش ولا كأنك قولت حاجة...
إبتسم منتصر ثم ذهب..ليطرق شريف يده على المكتب ب شرود ثم قال
كدا إتقفلت..مفيش حاجة عليك يا بن الصياد..لو أعرغ بتخبي أسرار فين كنت جبتها ولو ف عرين الأسد نفسه...
الأسود الذي لم يزده إلا قسۏة فوق قساوة ملامحه..نهضت روجيدا وتراجعت ب خوف لم يغادر حدقتيها وتشدقت ب تحذير
جاسر..خليني أطلع أحسنلك عشان متحصلش حاجات مش كويسة
رد عليها ب تأكيدطب ما هو هتحصل حاجات مش كويسة فعلا...
تصاعدت ضربات قلبها حتى باتت ك الأرنب المذعور..لتتراجع خطوات وهى تراه يتقدم منها ب بطء أفزعها..ما بين الثانية والأخرى كان قد ليهتف ب شيطانية
بتقرفي من نفسك لما ألمسك ها!!...
حاولت هز رأسها ب تأكيد ولكن جسدها تصلب ف لم تجد غير لسانها الذي تشدقت به قائلة
هو أنت سمك عشان أقرف منك!
رفع أحد حاجبيه وقالوالله دلوقتي كشيتي!!
إبتلعت ريقها ثم قالت وهى تنظر إلى عيناهمنا لو قولت أه..مش هيعجبني اللي هيحصل بعدها...
ب صعوبة بالغة كتم ضحكته التي كادت أن تنفلت منه ليحافظ على قساوة ملامحه ثم تشدق
كدا كدا مش هيعجبك اللي هيحصل
هتفت ب يأس قد تملك منهاعشان خاطري يا جاسر سبني..كدا ميصحش وآآ..غلط على آآ