الخميس 28 نوفمبر 2024

جبل العامري بقلم ندى حسن

انت في الصفحة 30 من 58 صفحات

موقع أيام نيوز

ولما رجعتي لقتيه فعلا راح
أومأت برأسها وهي توضح لها أنها أخطأت وتريد الصلاح ولكن ذهولها منه تحكم في نبرتها
واديني عايزة ارجعه واتعلمت من غلطي بس ازاي ده جبل كأنه واحد تاني ده كأنه محبنيش يوم
فهمت شقيقته أنها تود أن تلقي باللوم عليه بعد أن تأكد خطأها قائلة بأنه لم يحبها من الأساس ولكنها عارضت حديثها وواجهتها بحقارتها
لأ حبك يا تمارا متضحكيش على نفسك علشان تبرري عملتك جبل حبك واتهز لما مشيتي وسيبتيه في الوقت اللي كان محتاجك فيه وبقى دلوقتي زي ما أنتي شايفه
سألتها بقلة حيلة مستنكرة حديثه مع زوجته
طب أعمل ايه علشان يرجع وأبعد زينة دي عنه أنا مش فاهمه هو بيحبها ولا ايه بس بيعاملها كويس أوي ده بيقولها حبيبتي اللي عمره ما قلهالي طول عمره ناشف مالوش في الكلام ده
ضحكت على حديثها ثم نظرت إليها بقوة قائلة بسخرية
لأ يا حلوة ده بيغيظك ولا بيقول حبيبتي ولا غير حبيبتي أنتي أصلا مش فاهمه اتجوزوا إزاي ولا حتى زينة جت هنا ليه
زفرت الأخرى بضيق قائلة
ما تقولي الله
بدأت تسرد لها ما حدث بهدوء
زينة جت هنا علشان عايزة ورثها من يونس أخويا لكن لما جت وقعت في المصيدة أمي عايزة وعد بنت يونس تفضل هنا ومتطلعش من الجزيرة فقالت لجبل يتجوزها 
أكملت تحت نظرات تمارا التي تبتسم وتزداد ابتسامتها اتساعا وهي تستمع إليها
جبل رفض وقالها أنه هيحاول بأي طريقة تانية وأنتي عارفه طرقه كتير بس زينة حليت في عينه فجأة ووقفت قصاده في كل كلامه لحد ما طلبها للجواز رفضت بردو وحاولت تهرب واتنازلت عن كل حاجه في سبيل أنها تمشي لكن جبل مسمحلهاش
استردت وهي تعود بظهرها للخلف
عجبته أوي وقال مش هيحلها لحد ما اتجوزها زي ما أنتي شايفه بعد كده اللي بيحصل بينهم محدش يعرفه إن كان حقيقي ولا كدب
سألتها باستغراب فكل ما قالته يبدو جيد للغاية بالنسبة إليها وما أوضحه إليها فهمت مقصده منه
اشمعنى
تهكمت عليها فرح وهي تنظر إليها بسخافة
علشان مش قدامنا يا ناصحة بيحصل في اوضة النوم
ابتسمت تمارا باتساع وهي ټضرب بيدها على ركبتيها بفرحة كبيرة تسألها
بس المهم أنه ولا كان عايزها ولا هي طيقاه صح
أومأت إليها الأخرى مستغربة سعادتها
صح
أكملت تسألها مرة أخرى بابتسامة أكثر اتساعا من السابقة
وكانت عايزة تهرب وتسيبه
مرة أخرى تأكد لها
آه
أبعدت وجهها للناحية الأخرى وهي تحدث نفسها بصوت مرتفع يبدو عليه السعادة
كده اتحلت خالص وسهلة خالص
استغربتها ابنة عمها فعادت للأمام ثانية تنظر إليها مستفسرة عن حديثها الذي لم تفهمه
هي ايه دي اللي سهلة
حركت وجهها إليها ونظرت داخل عينيها وهي تقول بسعادة خالصة وكأنها حصلت على حبل لغزه لتستطيع العودة إليه
إني أرجع جبل
حركت فرح رأسها تسألها باستفهام مضيقة عينيها عليها بجدية شديدة
إزاي
رفعت حاجبيها وحركت إصبعها أمامها وهي تقول بقوة متأكدة من حديثها وبدأت الفكرة أن تلعب داخل رأسها
لأ دي بتاعتي خليها ليا أنا واقولهالك بعدين

بس بقولك
ايه أنتي في ضهري لو عوزت أي حاجه معايا ماشي
أومأت إليها بثقة فهي حتى لو لم تساعدها لأجلها ستساعد نفسها ف أيا كان ما الذي ستفعله تمارا مع زينة فهو سيعود عليها بالنفع عندما ترحل من هنا وتأخذ شقيقتها معها 
طبعا معاكي هو أنا هحبها أكتر من بنت عمي
ابتسمت لها بسعادة
فرح بصحيح
ومن هنا بدأت اللعبة معها على حق علمت كيف ولما تزوج من زوجة شقيقه لقد كانت تائهة بينهم ولكن الآن أصبحت تعلم أين المرسى وما الذي ستفعله معهم لتسترد ما كان لها ولتعد البلاد إلى حاكمها 
كان عاصم يقف داخل غرفة الحراسة ما كاد إلا أن يخرج هاتفه لمحادثها إلا أنه وجده يصدر رنينا عاليا أخرجه من جيبه ونظر إليه ليجد طاهر يحادثه 
أجاب عليه قائلا باستغراب مضيقا عينيه
بتكلمني ليه
أجابه الآخر باستهزاء وتهكم وصل إليه من خلال نبرة صوته
هو عيب لما أكلمك ولا ايه
زفر الهواء من رئتيه بنفاذ صبر قبل أن تبدأ المحادثة بينهم حتى وصاح قائلا
عايز ايه يا طاهر انجز
تخللت نبرته السخرية وهو يقول مجيبا إياه
واحشني يا جدع قولت أمسي عليك
سأله يبادله سخريته وهو يضغط على الهاتف بيده بقوة
ومسيت
بمنتهى البرود أجابه طاهر
لأ لسه
صاح به بنفاذ صبر وهو يتحرك بالغرفة بعصبية
انجز
تنهد بصوت مرتفع وقال له بجدية بعد أن اعتدلت نبرة صوته
مش ناوي تكمل المسيرة بتاعتك وتبقى أوفى راجل عرفه جبل
سأله عاصم مضيقا ما بين حاجبيه
اومال أنا ايه يا طاهر
ضحك بصوت مرتفع ضحكات متفرقة بسخرية مستهزأ به ومتهكما عليه وأكمل حديثه بجدية ذات مغزى
اوفى راجل بس من ناحية تانية جالي أخبار كده إنك وقعت ومحدش سما عليك سما زرقا وشعر أصفر
اعتدل عاصم وثبت في وقفته ولم يتحرك فمرت هي كالهفوة على عقله عندما استمع إلى حديثه ولكنه أردف
أنت قصدك ايه
لم ېكذب عليه بل أفصح عن قصده بلا مبالاة
هيكون قصدي ايه غير الجمال التركي النادر
على صوت عاصم پغضب صارخا باسمه
طاهر 
أخذ الآخر ما يريد فابتسم وهو يعود لتهدئته
اهدى بس على نفسك بالراحة دا أنا حتى كنت هباركلك متبقاش حمقي كده
لم يعطي إليه الفرصة للتحدث أكثر من ذلك وصړخ مرة أخرى وصبره ينفذ حقا
بقولك عايز ايه
سأله بخبث ومكر
مش ناوي ترجع الملاعب علشان نوقف كل اللي بيتدربوا
وقف شامخا وأجابه بتأكيد وثقة
أنا موقفهم كده كده يا طاهر وأنت عارفني كويس
ضغط طاهر على أسنانه بقوة وأردف بټهديد واضح بعد أن أدلى برفضه لحديثه
مش لوي دراع يا عاصم فاضلك عندي تكه واحدة
لم يعير حديثه أي اهتمام بل أكمل عليه ساخرا
اعتبرها مش موجودة ووريني أخرك 
سأله بقوة وهو يتوعد له
أنت شايف كده بايع يعني
أومأ برأسه وأدلت بالكلمات شفتيه وارتفع صوته وهو يقول پغضب
آه بايع يا معلم ويلا في داهية
استمع إلى صوته الذي ېهدد إياه
طب متبقاش تزعل
ضحك بسخرية يردها إليه ثم صاح بقوة يذكره بتاريخه معهم
أنت هتعملهم عليا إحنا عارفين من فينا اللي كل يوم والتاني زعلان غور بقى
أغلق الهاتف بعصبية بعد أن عكر ذلك الحيوان صفوه وهو الذي كان في مزاج جيد للغاية وعلى بعد لحظة واحدة من الوصول إلى تلك الغريبة الغبية الطفلة المزاجية والتي تتحول كل ثانية الذي اخترق معها كل القواعد وتعدى الخطوط الحمراء وابتعد عن مساره الصحيح وأبحر داخل محيط ليس به مرسى وليس به مكان للنجاة لقد أغرق نفسه بنفسه وهو يركض من هنا إلى هناك خلف هواجس غريبة تخللت وسارت داخل عقله وأثبتت إليه أشياء لم يكن يعرف لها معنى ولم يكن يدري بوجودها 
نظر إلى الهاتف وأعاده مكانه مرة أخرى وهو يزفر بضيق فقد كان يود أن يتسلى قليلا بذلك العبث الذي يفعله بها 
عاد إليه عقله مبتعدا عن التفكير بها وللحظة تذكر حديث طاهر كيف علم عن أصولها التركية كيف علم بمظهرها! خصلاتها الصفراء وعينيها الزرقاء ومن أخبره أنه وقع بحبها أو حتى الإعجاب بها!! الخائڼ بيس على الجزيرة بل هو من داخل القصر من حراس القصر!
اخرج الهاتف مرة أخرى وهو يقرر أن يفعل ما أراد بعد أن اخترق عقله كثير من الأفكار ولكن استوقفه ما أرسلته إليه فرح عبر تطبيق الواتساب فولج إليه ليرى ما الذي ارستله وليته لم يدلف 
نظرات عينيه الحمراء يخرج منها
ڠضب بركان وحممه تتساقط وهي تنظر إلى الشاشة وترى ما كان يحدث خلف السور 
صقر طائر وقع جريح وهو الچارح كيف لها أن تفعل ذلك كيف لها أن تسمح لنفسها 
وكيف يحدث هذا! غضبه لا يدري أهو منه نفسه أو منها أو من فرح تلك الغبية الحقېرة التي سيكون لها عقاپ لم تشهده سابقا ولكن صبرا
لقد أوقعته وفعلت ما أرادت ولكنه لن يجعلها تفرح كثيرا ولن يترك أي شخص اشترك بهذه الفعلة الدنيئة 
نظر أمامه بنظرات حادة غاضبة ڠضبها جامح ورفقها غير موجود والتفكير يعبث برأسه والحړب دائرة داخله 
جلس جبل على الفراش ومعه بيده بعض الأوراق والملفات المهمة الذي أخرجها للتو من خزنته الخاصة

بدأ في النظر إليها واحدة تلو الأخرى وهو يعمل ويعيد ترتيبهم مرة أخرى
مش ناوي تفتحلي قلبك
رفع بصره إليها باستغراب شديد وعيناه تتابعها ثم ابتسم فجأة وهو يقول ساخرا
الكلمتين اللي اتكلمتهم معاكي ادوكي دفعة شجاعة علشان تقولي تفتحلي قلبك مرة واحدة
أومأت إليه برأسها وهي تعتدل لتكن مقابلة له وقالت الحقيقة بجدية
آه خلوني أفكر أكتر
أعاد نظره إلى الأوراق بيده وسألها
في ايه بقى
ببساطة شديدة تحدثت عنه
فيك
سألها مرة أخرى بجدية وهو يود حقا أن يعلم ما الذي تفكر به
إزاي
أردفت بجدية وصدق فحقا الحديث معه في المرة السابقة كان كالسهل الممتنع وتفكيرها المستمر دائما ابحر أكثر من السابق وأرهقها
يعني خلوني أشوفك بطريقة تانية وأحس أنك إنسان عادي زينا وممكن التعامل معاك يبقى أسهل لو فهمتك وفهمت حياتك كانت إزاي وليه بقت كده
عاود يسألها ببرود ولا مبالاة
وأنتي كنتي شيفاني إزاي
عبثت ملامحها وضغطت على أسنانها وحروف كلماتها وهي تتحدث بغل
كنت شيفاك ديب من ديابة الغابة بتاعتكم
ضحك بقوة وعبث بالأوراق وهو يستشعر طريقتها وتخيل ملامحها بعد الاستماع لصوتها لأنه لم يحظى برؤيتها وهي تقول ذلك
للدرجة دي
أومأت إليه وهي توضح له برفق
وأكتر كمان ولحد دلوقتي أنت لسه زي ما أنت أنا بس بحاول اتأقلم أكتر
رفع بصره إليها ينظر إلى ملامحها ثم هتف مستغربا
مش قولتي خلاص اتعودتي على سجنك معايا
تابعته وهي تنظر إليه أيضا ولكنها الآن في مرحلة لم تمر عليها من قبل معه إلا مرة واحدة تتحدث معه برفق ولين وهو سهل بسيط للغاية فحاولت استدراجه وهي تقول
سجن ليه ميتحولش لتأقلم عادي وبالرضا
سألها مضيقا عينه عليها
وده ينفع
حركت كتفيها بهدوء تعاود هي نفس السؤال
ماينفعش ليه
ابتسم باتساع لأنه يدرك جيدا أن هذه ليست المرأة التي تتحول هكذا بين ليلة وضحاها فقال يوضح لها مدى ذكائه الذي رأته سابقا ولكن يبدو لا تعترف به
علشان اللي أعرفه إنك مش بالساهل تتغيري كده يمكن بتحاولي تستهبليني علشان احكيلك اللي أنتي عايزاه
سبته داخلها لأنه يدرك جيدا ما الذي تريد الوصول إليه ولكنها تصنعت ذلك بحرافية وهي تقول بمكر
بالعكس أنا بفكر بجد أنه ليه مقعدش هنا بالرضا بدل الڠصب خصوصا إنك محتاج كده الفترة دي
استغرب قائلا
وده ليه بقى
أجابته بعقلانية لأنه أراد أن يظهر لابنة عمه أنه الأفضل على الإطلاق ومعه زوجته وابنته لعبت على ذلك تعبث به
علشان تمارا مثلا مش ممكن نحسن علاقتنا وتبان أنها حقيقية أكتر قدامها
ابتسم أكثر وعاد بعينه بعيدا عنها قائلا بعدم اقتناع
مش داخل عليا كلامك ولا هيدخل يا غزال
سألته بضيق
للدرجة دي
أجاب سؤالها بهدوء وجدية موضحا لها أنه يفهمها جيدا ويعلم أنها
29  30  31 

انت في الصفحة 30 من 58 صفحات