جبل العامري بقلم ندى حسن
وهي تشير إليها بيدها تثبت أنه أصبح شخصا آخر ولكنها تتوهم أنه كما كان وسيظل
جبل بقى واحد تاني اللي كان رافض شغل أبوه دلوقتي هو اللي ماسكه ولا مشوفتيش الحرس اللي بره والسلاح
اللي معاهم جبل اللي اتغير بسبب أنه حبك وأهو دلوقتي ما شاء الله عليه ربنا يهدي سره مع مراته
ابتسمت ساخرة ثم تفوهت قائلة
لو كان زي ما بتقولي كان حتى استقبلك استقبال عدل ده مش طايق يبص في وشك
توجهت والدته إلى باب الغرفة وتحدثت وهي تسير بحدة وټهديد واضح
أنا عملت اللي عليا وقولت الكلمتين ولو عملتي غير اللي قولته أنا بنفسي هرميكي في النيل ومش هيهمني إذا نجيتي ولا لأ انتي مش أغلى منهم
فاهمه يا تمارا
أومأت إليها على مضض قائلة
ماشي يا مرات عمي
خرجت زوجة عمها من الغرفة وتركتها وحدها تفكر فيما حدث منذ أن أتت! لقد كانت آتية معتقدة أنه إلى الآن لم يتزوج لم يحب لم تدلف حياته امرأة من بعدها! كانت آتية معتقدة أنها بمجرد ظهورها مرة أخرى سيقول هي بنا للزواج وستنفرج أساريره ولن يكون هناك أسعد منه ولكن من الواضح أنها أخطأت
من الواضح أنه حقا تغير كثيرا شكله قد تغير أصبح أكثر وسامة ونضج جسده حتى وكأنه اندمج مع جسد شخص آخر بتلك العضلات والهيبة التي حلت عليه أكثر من كونه كان مراهق
تغير قلبه وبغضها أحب غيرها عليها أن تفهم ما الذي حدث ليجعله يتزوج من زوجة شقيقه الراحل! ومن هنا تستطع أن تفكر وتستطيع أن تتحرك وتبدأ رحلتها وبحثها عن عودة جبل العامري إليها
أخذتها قدميها إلى خلف القصر وهي شاردة به وبكل ما بينهم لا تنظر حولها ولا أمامها لا تفكر إلا به وبأنها تريده الآن لتمتع أعينها الزرقاء برؤية هيبتة وخفة ظله وحسنه
بضيق وأخفضت الهاتف ثم سارت خطوات تبتعد عن هنا لتعود إلى القصر مرة أخرى ولكنها فجأة وجدت من يسحبها من يدها ليدفعها إلى الخلف تتوارى عن الأنظار يلامس ظهرها السور وتنحصر بينه وبين الجسد الذي أمامها
حركة واحدة هعملك عاهة مستديمة اثبتي مش هناخد وقت كتير
كل هذا فقط حدث لها عندما أتت إلى هذه الجزيرة الملعۏنة وعندما قابلته وكنت له الحب بقلبها!
تضاربت حواسها ولم تعد تشعر بأي شيء يحدث من حولها لا تشعر إلا بالقهر والضعف والخۏف الشديد الذي سيطر على سائر جسدها وهي وحدها هنا بين أنياب ذئب قذر دون شقيقتها الحامي الوحيد لها
كل هذا وأكثر أيها العاصم! أليس اسم عاصم يعني الحصن والملجأ الذي يحتمي به الإنسان من أي ضرر!
يتبع
رواية سجينة جبل العامري
للكاتبة ندا حسن
سجينة جبل العامري
الفصل الثاني عشر
ندا حسن
الشعور بالانكسار قد يكون أبشع شعور على الإطلاق أن تكون شخص يشعر بأن هناك من يقف خلفك يشجعك على الاستمرار ويكن العون إليك والسند الذي تبغاه ثم فجأة تقف أمام ذئاب متوحشة في صحراء جرداء وحدك دون الحامي لك فتشعر أنك مجرد حتى من ملابسك فهذا انكسار! وهناك غيره أنواع متعددة
اثبتي قولتلك الموضوع كله مش واخد وقت
كانت دمعاتها تتهاوى على وجنتيها بغزارة تقف مربطة بجسد متشنج تستند إلى ظهر السور تحاول دفعه للخلف لتبتعد عنه وهي تقول بتعلثم
أنت عايز مني ايه
عاد للخلف برأسه ومازال يقف
واحدة قمر زيك كده هيتعاز منها ايه غير كل خير
انسابت دمعاتها أكثر وهي تنظر إليه پقهر تشعر بمدى قذارته ودنائه نظراته نحوها فقالت برجاء وهي تبكي
أبعد عني أنا معملتش فيك حاجه
لأ عملتي بس يمكن وأنتي مش واخده بالك
عملت ايه طيب
قربتي وحبيتي وعاندتي
حركت رأسها هي الأخرى يمينا ويسارا بعدم فهم تخرج منها شهقات متتالية بړعب وذعر شديد تشعر به كلما شاهدت نظرته نحوها
أنا أنا مش فاهمه
ابتسم وهو يرفع يده التي على الحائط إليها يضعها فوق ذراعها يسير عليه برفق ورقة وهو يتحسسه قائلا ببرود ومكر
لأ أنتي فاهمه كويس وأنتي اللي عملتي في نفسك كده مش أنتي اللي قربتي بردو ولا أنا جيت من نفسي
شعرت أنه يتمادى وهو يسير بيده عليها فدفعت يده وحاولت أن تستجمع نفسها وقالت من بين بكائها وشهقاتها المستمرة بتعلثم وضعف شديد
أبعد عني والله ممكن اصړخ وألم القصر عليك
ابتسم بسخرية وهو يعود بيده مرة أخرى إلى الحائط كي يحاصرها
وأقترب برأسه منها أكثر وكأنه بوضع حميمي معها لكنه قال بثقة دون رحمة
اصړخي وأنا هدب المطوة دي هنا ونخلص بعدها ونقول واحد نط من على السور زي اللي حاول ېقتل جبل كده
اعتصرت عيناها وهي تبكي نادمة على كل شيء مر عليها هنا سواء كان فرح أو حزن جيد أو سيء وقالت وهي ترتعش
أبعد عني يا
قاطعها سريعا وابتسامته تتسع أكثر قائلا اسمه
عاصم ولا نسيتي الاسم
صړخت به بانفعال وهي على وشك الاڼهيار والوقوع إلى الهاوية
أنت مچنون حرام عليك أبعد أنا معملتش حاجه
عاد للخلف وأخفى المدية بيده وهو يأخذها إلى جيبه سريعا وقال بسخرية ضاحكا
هبعد أنا بس كنت بهزر معاكي بس عارفه لما أبعد لو فتحتي بوقك لحد مش هسمي عليكي
أومأت إليه برأسها سريعا عدة مرات بقوة وقالت من بين بكائها الذي حاولت السيطرة عليه
مش هتكلم أبعد بقى
عاد للخلف أكثر وأفسح لها المجال للعبور وقال مرة أخرى محذرا إياها
أنا حذرتك أي حد
تعود ثانية تومأ له برأسها بهستيرية وهي تنظر إلى ابتعاده عنها وأبصرته ينخفض إلى الأسفل يأتي إليها بهاتفها ثم أعطاه لها وهو ينظر إليها مبتسما بسخرية وتهكم لم تعطي إليه الفرصة لفعل شيء أخر أخذته منه ثم سريعا دفعته بيدها وذهبت راكضة إلى الأمام تاركة تلك المنطقة المشؤومة وهي تبكي بقوة وصوت بكائها يرتفع كلما ابتعدت عنه فصاح بصوت عال يحذرها
ها
انخفض صوتها وهي تركض ورأها تضع يدها على فمها كي تكتم شهقاتها وصوت بكائها الذي خرج منها بفعل تلك الخضة والشعور بالخۏف والذعر الذي مرت به معه
أبتعد هو يعود إلى مكانه مرة أخرى وعلى وجهه ابتسامة خبيثة تظهر للأعمى وتوضح أنه شخص قذر
بعدما أبتعد عن خلف القصر وذهب إلى الأمام تعالت ضحكات آخرى تأتي من الأعلى لم تكن سوى فرح التي كانت تقف في الشرفة أعلاهم تتمسك بالهاتف وتقوم بتسجيل كل ما حدث لحظة بلحظة كل فعل ومعه رد الفعل الخاص به ولكن من أي زاوية وكيف كان المشهد بالهاتف! فهذا هي فقط ما تعرفه
ابتسمت بانتصار وتحركت تدلف للداخل وقلبها خالي من الغيرة تجاهها في فترة لحظية فقط لأن قلبها ينشغل الآن بالسعادة لأجل ما حدث منذ لحظات ينشغل بفرحة الإنتصار لأنها ظهرت بالوقت المناسب لتسجل ما حدث بينهم ويكن ذلك السيف بين يدها لتتخلص منها وتبعدها عنه إلى الأبد
كان مخطئ للغاية عندما وقف أمامها وتحداها إنها فرح العامري من فرع العامري وامتداد العائلة الكريمة والتي لم ترى كرم يوما إنها من امتداد عائلةت تجارة الس لاح وغيره
ذهبت الأخرى باكية پقهر وحړقة ولكنها محت دمعاتها عندما دلفت القصر وصعدت إلى الأعلى دون أن يراها أحد ولجت إلى الغرفة وأغلقت بابها خلفها عليها من الداخل ثم ألقت نفسها على الفراش وأخذت تبكي بقوة وصوت بكائها يعلو للغاية استمعت جدران الغرفة والأبواب إلى بكائها وشاهد الطلاء حزنها وكسرتها وكل ركن شهد على كل شهقة خوف ورهبة خرجت منها ومن أعماقها
يا لها من لحظات بشعة قهرية مرت عليها وحطمت ما بها لقد وقع قلبها على الأرض ولم تعد تدري أين هو فقد أشعرها بالخۏف الممېت وهو يقترب منها إلى هذا الحد ويقول كلمات لم تفهم منها شيء ولم
تعرف السبب الذي جعله يفعل بها هكذا!
شهقت پعنف وهي تبتلع غصة مريرة شعرت بها تعبر جوفها وارتجف جسدها أكثر وهي تفكر في أن هذه كانت البداية منه فقط فما الذي سيفعله أن رآها مرة أخرى وما الذي يريده منها ولما فعل ذلك ولما تركها
أسئلة كثيرة تدور داخل رأسها تحاول أن ترى لها أي إجابة من أي إتجاه ولكن لا يوجد لا يوجد سوى الشعور بالخۏف وعدم الأمان والرهبة
إنها كانت هناك فقط لرؤيته ذلك الذي أرهب قلبها وجعلها تشعر بالحب تجاهه كانت تتقدم للبحث عنه والنظر إلى وجهه والاستمتاع بقربه هو الوحيد فقط هنا الذي اكتسبته واكتسبت معرفته وقربه وحبه لها ولكنها لم تكن تتوقع
أبدا أن تقابل لحظة مصيرية فارقة في حياتها أما كانت تكتمل أو تنتهي كما بدأت مثلما حدث منذ لحظات
توقفت عن البكاء واعتدلت على الفراش تنظر أمامها بعمق تضيق عينيها بتفكير لما فعل هذا في لحظات وتركها! كان يريد أن يرهبها فقط أم هناك سبب آخر لا تستطيع الوصول إليه!
جلست ابنة عمها وصديقتها التي كانت مقربة إليها للغاية قبل أن ترحل وتترك الجزيرة بقيت أمامها على الفراش تجلس معتدلة تنظر إليها بعمق ثم سألتها بجدية مستفسرة
قوليلي يا فرح جبل وزينة اتجوزوا إزاي
تركت فرح الهاتف من يدها واعتدلت هي الأخرى تنظر إليها بجدية وقالت بعدما زفرت الهواء من رئتيها
دي حكاية
تعمقت الأخرى في النظر إليها والاستماع إلى حديثها بجدية تامة وقالت بحماس
احكيهالي بقى
غمزتها فرح بعيناها السوداء وهي تتابعها تحاول أن تفهم ما الذي تريد الوصول إليه بعد أن أتت إلى هنا مرة أخرى
جاية ترجعيه قوليلي ولا هتخبي عني
استنكرت جملتها ثم أبعدت وجهها وهي تتحدث بضيق
أنا اخبي عنك بس خاېفة تكوني زي أخوكي ومرات عمي اللي اتشقلب حالهم
رفعت الأخرى أحد حاجبيها تأنبها على تركها لكل شيء خلف ظهرها فقط لأنها فكرت بنفسها بأنانية
ما أنتي اللي خايبة مشيتي وسيبتي كل ده يروح من ايدك