جبل العامري بقلم ندى حسن
الصغيرة بحب وهي تنظر إليها بعيون بريئة
أنا حبيتك أوي يا تيته ومش عايزة اسيبك
اتسعت ابتسامة وجيدة وأصبحت من الأذن إلى الأخرى ورفرف قلبها فرحا بحديث حفيدتها
جلست على قدميها معتدلة ونظرت إليها وتفوهت بالكلمات من بين شفتيها بحماس
بجد
أومات الأخرى إليها سريعا تؤكد محركة رأسها من الاعلى إلى الأسفل
طبعا مش هسيبك تمشي خلاص
طب والمدرسة يا تيته
اتسعت عينيها وهي تحل مشكلتها الكبيرة قائلة بحماس وحب كبير يظهر في كل لمسة وكلمة تخرج منها إلى الطفلة
هنحول لمدرسة هنا في الجزيرة
سألتها وعد بتركيز
فيها pool وملعب كبير علشان الرياضة اللي بتعلمها
حركت رأسها بعدم فهم وضيقت عينيها متسائلة بجدية ناظرة إليها
أجابتها بهدوء ورقة وهي تبتسم بطفولية
يعني حمام سباحة
أكملت حديثها إلى جدتها وهي تشير بيدها الاثنين تشرح إليها أكثر
حوض كبير أوي كده يا تيته بيبقى فيه مايه كتير أوي نقدر ننزل نسبح فيه ونتعلم السباحة
رفعت رأسها للأعلى وقالت ببساطة
آه زي اللي قدامنا كده شوفتيه
حركت رأسها نافية
لأ
قالت جدتها بحنان وحب
وأكملت الجلسة معها بكثير من الحب والحنان الذي يفيضان منها إلى ابنة ولدها وفلذة كبدها الراحل التي لن تتركها ترحل مهما حدث
في الخارج سارت إسراء في الحديقة الخاصة بالقصر والذي كانت كبيرة للغاية إذا سار بها أحد لا يعرف معالمها يضيع داخلها إلا إذا أنقذه أحد
ظلت سير في الحديقة وتتأمل كل شيء بها بتلك العيون الزرقاء الرائعة وهناك نسمة باردة تأتي عليها تحرك خصلات شعرها الذهبية الحريرية لتبقى سابحة في الهواء
انخفضت لتعبر من أسفل تلك الأسلاك الموضوعة لا تعلم أهي حماية أم لتدخل في لحم جسدهم
وقفت وقلبها يدق پعنف وخوف كبير وداخله يقرع من الفزع الذي تعرض إليه عندما استمعت إلى صوت غريب صعق أذنها
استدارت تنظر إلى الشخص الذي ارعبها فوقع قلبها بين قدميها ليس فقط اړتعب واتسعت
يتبع
رواية سجينة جبل العامري
للكاتبة ندا حسن
سجينة جبل العامري
الفصل الثاني
ندا حسن
وقفت ثابتة لا تحرك ساكنا كل ما يتحرك بها عينيها الزرقاء المتسعة تنظر إليه پذعر ورهبة كبيرة احتلت معالمها وجعلت قلبها يدق أسرع وأسرع في كل ثانية تمر عليه شاعرة أنه سوف يخرج من مكانه بسبب كثرة الطبول به
ذلك الطول الذي كاد يبتلع جسدها ويخفي عليها الضوء وهو يقف أمامها مع نظراته وذلك
خرج صوته بخشونة يتسائل ناظرا إليها بعمق
ډخلتي هنا إزاي
من من هناك البوابة
حرك يده بالسلاح وسألها مرة أخرى بنفس نبرته
ډخلتي من البوابة إزاي وبتعملي ايه هنا
عادت خطوة للخلف بقدمها لا تعلم كيف استطاعت فعلها وأجابته بړعب شديد
هما فتحوا البوابة ودخلت
تحرك أكثر من خطوة نحوها غير الذي ابتعدتهم ېصرخ عليها بغلظة وقسۏة
أنتي هتنقطيني بالكلام انطقي يابت بتعملي ايه هنا
أنا هنا مع أختي دخلنا سوا
أنتي هتستهبليني يا بت أنتي أختك مين دي اللي دخلت هنا تعالي دا أنتي يوم أهلك أسود
يجذبها خلفه وهي معه لا ترى من الأساس يسير هو أمامها بجسد ضخم طويل للغاية إن نظرت إليه ترفع وجهها إلى الأعلى وكأنها تنظر للسماء وعريض المنكبين يغطي
وجودها بعيون سوداء حادة ونظرته مخيفة كذلك الجبل في الداخل وكأنها أتت إلى هنا كي تأخذ أكبر قدر من الخۏف
المنبعث منهم
دفعها بيده إلى أمام البوابة الداخلية لقصر العامري ثم مرة أخرى رفع عليها السلاح وهتف بعصبية وصوت عالي
لو مش عايزة تخسري حياتك هنا اتكلمي يا بت أنتي من باعتك وډخلتي هنا إزاي
انتحبت في البكاء وتصاعد صوتها فأجابته وجسدها يرتعش پخوف وتوتر
محدش باعتني والله أنا جيت مع أختي هي حتى جوا
تهكم عليها يلوي شفتيه هازئا
صدقتك أنا كده مافيش حد بيدخل قصر العامري في قوانين محدش بيكسرها يبقى اتكلمي أحسن
أجابه وهو ينظر إليها لا يحرك عينيه قائلا
واحدة من الرخاص اللي بيتحدفوا هنا كل يوم يا جلال بس المرة دي مش هسببها غير لما تقول مين اللي باعتها
اتكلمي أحسن ده مبيرحمش
والله قولتله أنا مع أختي هنا داخله الصبح من البوابة دي
نظر إليه عاصم وتساءل بجدية
شوفتها ولا شوفت أختها
أنا كنت معاك بره والحرس بيتعشوا دلوقتي
أكمل وهو يقترب منها بحركات ثابتة ونظراته نحوها لا تبشر بالخير
هتيجي تونسنا لحد ما الحرس يخلصوا ماهو مش معقول هندخل القصر ونزعج البشوات علشانك
عادت للخلف أكثر وهي تبكي وتنظر إليهم بهلع يحرك قلبها من مكانه بقوة
الاثنين نظروا الآن إلى جمالها بعد كلمات جلال عيون زرقاء رائعة خصلات صفراء وجه أبيض وملامح بريئة وشفتين حمراء وغير كل ذلك فتاة صغيرة لم تتخطى سن العشرون
عندما وجدته يقترب منها عادت الخلف أكثر وهي تنظر إليه بينما استمعت إلى صوت الآخر يقول ومازال السلاح بيده
اتكلمي علشان لو سيبته عليكي مش هيحصل كويس
ارتفع صوتها مع البكاء يخرج بضعف شديد
والله بس كده
سحب زناد مسدسه وثبته إلى وجهها ثم صړخ بها قائلا بقسۏة
أنتي اللي اختارتي بقى
وكأنها بداية حرب أو ما شابه في محاولة منها التوجه إلى الداخل لا تدري كيف والبوابة مغلقة ولكنها استمعت إلى صوت طلق ڼاري أوقفها في منتصف الطريق معتقدة أنه أصابها مع صوت صړخة أخرى عالية للغاية خرجت منها ووصلت إلى عنان السماء
توقف قلبها الذي كان يقرع وحبست أنفاسها داخلها وقفت تعطي إليهم ظهرها تخاف من اقترابه الغير مرئي إليها
صړخ بها عاصم بعصبية وعڼف
اقفي عندك قسما بالله يومك أسود
فتح باب القصر طلت من خلفه زينة ووالدة جبل السيدة وجيدة ظهر على ملامح زينة القلق والتوتر الشديد وهي تتقدم إلى الخارج وتعلم أن شقيقتها بقيت في الحديقة وقع قلبها بين
في ايه يا عاصم
صاح مقتربا يقبض على ذراع إسراء مرة ثانية وهو يجيب بهدوء
متقلقيش يا هانم اتفضلي إحنا هنتصرف
شيل ايدك دي إزاي تتجرأ تعمل كده وتمسك أيدها
يلا نمشي من هنا خلينا نمشي يا زينة
دفعتها للخلف بخفة ونظرت إلى وجهها وحالتها المزرية
ايه اللي حصل مالك
كادت أن تتحدث زينة ولكن صوت عاصم اخترق أذنها
مين دول يا هانم وإزاي دخلوا القصر وجبل مش موجود
نظرت إليه بحدة وأردفت مجيبة إياه بصوت عال توبخه على ما فعله
دي زينة مرات يونس الله يرحمه وإسراء أختها أنت عارف أن محدش بيدخل القصر إلا بإذن مننا ايه لزوم اللي عملتوه ده
أخفض وجهه أمامها وتحدث بهدوء معتذرا
هو ايه اللي آسف يا هانم القصر كله ملغم حراس في كل مكان هتنط من على السور إزاي
تعالي يا زينة معلش يا حبيبتي هما مايعرفوش تعالي أنا هفهمك
نظرت إليه شزرا بعصبية وكأنها تود أن تنقد عليه لأنه مس شقيقتها ثم
سارت خلف والدة زوجها إلى الداخل لتفهم ما الذي حدث
نظر جلال إلى عاصم وتساءل قائلا
هو ايه اللي بيحصل
حرك الآخر رأسه ورفع كتفيه يهتف
مش عارف
جلست في الداخل في صالون القصر الكبير جوار شقيقتها التي مازالت تزيل دمعاتها بيدها نظرت إليها وتفوهت بالسؤال بجدية
ايه اللي حصل اتكلمي
رفعت بصرها إليها بعينيها الزرقاء المنتفخة أجابتها بشهقات متقطعة وهي تحاول الصمود
ابتعدت زينة بنظرها إلى وجيدة تنظر إليها بحدة واستغراب في ذات الوقت وما حدث في الخارج يؤثر عليها في حديثها الحاد ونظراتها نحوها
إزاي يعمل كده وإزاي معاه سلاح هنا
ابتسمت وجيدة بهدوء تقول بعقلانية
قصر ماشي ومحتاج حرس تمام لكن مش بالضرورة يكون معاهم سلاح خصوصا لو في منطقة زي دي هو أنتي يا طنط مش شايفه الناس والمكان هنا عامل إزاي
تابعت تكمل بعد حديثها السابق بنفس الطريقة
دي أوامر يا زينة مش مطلوب إننا نخالفها
تذكرت حديث زوجها الكثير عن تلك الأوامر الذي تصدر عن شقيقه ولا يستطيع أحد مخالفتها أبدا ولا يجب ذلك أيضا وكأنهم يعيشون بسجن كبير يخرجون ويدلفون إليه ومنه فقط وهو حاكمه وعليهم السمع والطاعة
تحدثت بخفوت
عن
اذنكم هطلع الاوضه
أومأت إليها والدته قائلة
اتفضلي يا بنتي ارتاحي
بعد مرور يومين
جلست زينة مع وجيدة و جبل لتتحدث معهم في أمر حصولها على ميراثها هي وابنتها من زوجها الراحل مرة أخرى بجدية أكثر من المرة السابقة لأنهم ربما لم يفهموا جيدا حديثها فهي لم تكن آتيه إلى هنا حتى تجلس وتستريح بل أتت لتأخذ ما لها هنا وترحل في أسرع وقت
تعلم أن جميع الأمور لن تحدث إلا بأمر من جبل فنظرت إليه وأردفت بجدية
جبل بيه أنا لما جيت اديتكم خلفية عن سبب وجودي هنا بس تقريبا أنت مأخدتش الموضوع بجد لأن محدش كلمني فيه وبصراحة أنا مش حابه أطول أنا عايزة أرجع
كان يضع يده على وجنته اليمنى فاردا إصبعه السبابة على وجنته يستند بذراعه على المقعد ناظرا إليها بعدم اهتمام وخرجت الكلمات من فمه بلا مبالاة
والمطلوب!
وزعت نظرها بينهم هم الاثنين ثم قالت بجدية وبعض من الحدة في نبرة صوتها
عايزة حقي أنا وبنتي علشان أمشي
أسرعت والدته تتحدث وهي تربت على يدها الموضوعة على ركبتها خوفا من أن يجيب جبل بشيء لا يروقها وهي لن تسمح بذهابهم
هتاخدي حقك وفوقه زيادة أنتي عارفه الخير كتير ويونس ليه كتير أوي أوي أوي وعمرنا ما نطمع فيه بس المسألة دي علشان تطلع مظبوطة وتاخدي حقك وعليه الزيادة لازم جبل يرتب أموره ويشوف حساباته واحدة واحدة وزي ما أنتي شايفة هو مش قاعد عنده شغل طول الوقت
وجهت نظرها إليه بعد أن استدارت مرة أخرى وطرق السؤال باب عقلها
هو حضرتك بتشتغل ايه
ظل ناظرا إليها بمنتهى اللا مبالاة وإصبعه على وجنته بهذا الشكل شعرت بالإهانة لتجاهله حديثها ونظرته الغريبة إليها فمرة أخرى أردفت والدته
جبل كبير الجزيرة والناس مشاكلها كتير وكل حاجه هنا مسؤولة منه
أكملت بجدية معاتبة إياها في نهاية حديثها لتسترقها تجاهها
كل اللي محتاجينه شوية وقت علشان نعرف نظبط الدنيا يا حبيبتي وبعدين هو أنا ماليش حق عليكم ولا ايه ووعد دي مش بنت ابني
نفت زينة حديثها وأكدت عليها
لأ طبعا ليكي حق
ابتسمت وجيدة باتساع وأشرق وجهها لأنها أخذت فرصة للحصول على ما تريد وقالت
يبقى خلاص أقعدوا معانا شوية كمان هو انتوا لحقتوا أنا ملحقتش أقعد مع وعد حتى
اومأت إليها زينة وأردفت بهدوء
أنا موافقة نقعد بس نحدد مدة أنا مرتبطة بمواعيد في دبي
استمعت إلى سؤاله الذي خرج بنبرة خشنة حادة
مواعيد ايه دي
الټفت تنظر إليه وأكدت مرة أخرى على نفس الكلمة بوضوح وبنظرة حادة مثله لأنه تجاهلها وتعمد