الخميس 28 نوفمبر 2024

جبل العامري بقلم ندى حسن

انت في الصفحة 21 من 58 صفحات

موقع أيام نيوز

ومتكبر أشعرها بأنه لا يبالي وجودها حضورها أو غيابها لا يعينه
ثم في الخطوة التالية أظهر إليها قليل من حقيقته فقط ليجعلها تهابه لم تخضع له ولم ترتوي بحديثه فازاح القناع عن وجهه وأظهر إليها ما بداخله لتقع خائڤة والرهبة تزحف إلى قلبها وعقلها وارتجاف جسدها ما كان إلا ړعبا منه 
رأت وجهه الحقيقة قتلة للبشر تحديه لها عنفه معها وتهديده الصريح والواضح والأسوأ والأسوأ من كل ذلك مرة بعد مرة إلى أن بغضته شعرت بالكراهية
الشديدة تجاهه لو كانت نالت الفرصة لقټله لفعلتها وهي بالفعل حاولت 
عندما قام بانتهاك ما لا يحق له أنه فعلها مرة واحدة منذ أن كتبت زوجته والآن أدركت لما فعلها فقط ليريها أنه يستطيع فعل أي شيء وبأي وقت ليجعلها تعلن أنه الأمر الناهي والمتحكم الوحيد والقاضي الذي يحكم وينفذ
عندما عارضته ورفضت هيمنته عليها علم كيف يستطيع أن يجعلها تنظر إلى عيناه الخضراء القاسېة بكل قهر وكسرة علم كيف يشعرها بالمذله والضعف ولم يبخل عليها في فعل ذلك بل منذ أول لحظة لها معه نهب أنوثتها وحريتها 
أقترب منها مرة واحدة فقط! ولم يفعلها ثانية ثم من بعد ذلك حاولت التأقلم وفهم ما يحدث فبادر هو بمعاملتها أفضل من السابق 
لا تدري كيف ولما لا تدري لما نظراته التي ټغرق بها والبحث داخلها عن أسباب تغيره معها لا تدري لما حضرته تلبكها وتشعرها بالتوتر 
تغيره معها جعلها لا تفهم شيء أبدا بدأت تتحدث معه هي الأخرى ليس أفضل ولم تتقبله بعد ولكن تتحدث معه 
أصبح أب لابنتها لاحظت تغير واضح في حياة ابنتها بعدما أصبحت تنادية باسم والدها وقد شكل هو هذا الدور حقا معها منذ أن تزوج منها ترى حبه إلى الطفلة ظاهر بعينه وترى حب الطفلة إليه فتخاف أن تفعل شيء يفقدها ذلك الحب والحنان منه لأنها حرمت منه مبكرا هل وجود جبل الآن يعوض ابنتها عن والدها يونس
هل تبقى فقط لأجل ابنتها أو لأجل نفسها وتحاول خوض حياة أخرى معه! 
وقفت على قدميها ودق قلبها بعد ذلك الهراء الذي هتف به عقلها ما الذي تتفوه به ما الذي تفكر به 
لوعة فراق زوجها المحب أثرت عليها أم ماذا!
آخر ما حدث تلك الړصاصة التي أخذها بدلا منها لقد كان يعلم أنه سيموت أن أتت به ولم يتردد في فعلها بل بصدر رحب استدار ليجعل نفسه في المواجهة
ثم هتف بكلمة زوجتي بكل حړقة خوفا عليها! 
ما هذه التراهات! ما الذي يريده من كل هذا أو ما الهدف منه ما الذي تفعله هي وما الذي ينتظرها بعد 
احتارت في وصف مشاعرها واحتارت في الوصول إلى بر جاف تقف عليه! لن توصل إلى مرسى معه إلا بعد أن تسير في دروبه جميعها سوى أن كانت قاسېة أو حنونة تربت على قلبها 
ستفعل ستبقى إلى النهاية لتمر بكل مراحل المشاعر معه بداية من الكراهية إلى الغرام ستبقى لتعرف كل سر خفي في الجزيرة ستبقى لأجل ابنتها وحقوقها الذي أخذها منها بالإكراه
بينما هو على الناحية الأخرى يشعر بالنقيض تماما يعلم ما الذي هو مقدم عليه ويفهمه جيدا 
في البداية لم ينظر إليها بعيون رج ل لم يشتهي أي شيء بها إلا بعد حديث والدته له أثارت مشاعره وحركت رغبته تجاهها 
فعلها بالقوة والعڼف فعلها أصبحت زوجته حلالا له وأخذ ما يطيب مشاعره منها وما يرضي رج ولته 
لكن يوم بعد الآخر يرى نفسه يصبح أكثر هدوءا معها أكثر عقلانية أكثر حديث أحب ابنتها وأقترب منها وشعر أنها ابنته هو ليست ابنة شقيقه 
نظرته الشغوفة نحوها وحديثه الهادئ اللين يعلم أثره عليه جيدا ويعلم لما يخرج منه هل سيحيا قلبه مرة أخرى ويعود إلى الحب! 
هل سيكون هناك نقطة ضعف أخرى غير السابقة تدمر ما بقى منه وتزعزع كيانه وما وصل إليه! 
أنها لا تحبه بل تبغضه وتريد قټله والخلاص منه إذا أحبها على عكس الأخرى كانت تحبه وكان يهوى كل ما بها فغدرت به 
لكنه مع كل ذلك رأى الخۏف بعينيها عليه لا يدري إن كان خوف حقا أو شفقة خالصة تجاة ما حدث له أو هي وقفت جواره لأجل ما فعله خوفا عليها 
الآن كل ما يستطيع فهمه أن قلبه بدأ لها بالخفقان وعيناه بدأت بالنظر إليها بنظرات أخرى غير تلك الراغبة بها بل أصبح يرمي سهام الحب والغرام متلهفا لضمھا ونيل عناق حاد منها يروي به ظمأ

قلبه وحرمانه من الهوى لسنوات 
لن يحرم نفسه أكثر من هذا سيترك العنان لقلبه ليفعل ما يريد وأن أرادها قلبا وقالبا ستكون معه رغما عنها وعن الجميع ولن يتركها ترحل من هنا إلى الأبد ستكون سجينة جبل العامري بحق 
طال الاشتياق لحبيب يغمر القلب بالحب واللوعة التي تحرقه بالغرام طال الفراق الذي جعله وحيدا ليلا يعاني وحدة الآنات المټألمة مطالبة بالغفران فكلما خفق اشتاق وكلما اشتاق احترق والتهبت نيرانه تخرج بفوران من داخل أعماق قلبه الثائرة 
دقات متعالية بها جمرات مشټعلة تطالب بالحب لقلبين دامت الوحدة مرساهم الوحيد لفترة طويلة فكانت أشبه بالحياة دون روح ولم يكن أحد غيرهما زينة العاصفة القادمة عليه لتدمر كل ما به و جبل ذلك الصلب الشامخ الذي وعد بالبقاء وأن
يبعثر عاصفتها إلى أن تخمد 
جلست إسراء على الفراش ممددة القدمين تستند بظهرها إلى ظهر الفراش تنظر إلى الفراغ أمامها في الغرفة بهيام وعيون لامعة بالحب والاشتياق 
ارتسمت ابتسامة هادئة على شفتيها وهو يأتي على خلدها بنظراته وحديثه وقوته 
عضلات جسده وطوله الذي يبتلعها عينيه الساحرة! هل قالت ساحرة! لم تسحرها هذه العينين إلا قريبا بعد أن توطدت العلاقة بينهم وأصبحت أقوى بكثير وأعمق من السابق 
حيث كانت تستمع إلى كلماته المعسولة التي تخجلها وتلبك كلماتها ونظراته الغريبة الصاړخة باللهفة حركاته الذي كانت تعوقها كلما أرادت الذهاب والابتعاد عنه 
قلبها يدق پعنف أثناء وجوده أمامها ومتابعة نظراته إليها روحها ترفرف وهي تتحدث معه وتستمع إلى خشونة صوته ورج ولته الطاغية 
هل هذا حب! وقفت على قدميها بلهفة تسير بالغرفة تفكر في حديثها وما يمليه عليها عقلها هل أحبته! لأول مرة تمر بهذه المشاعر تسير على جسر ملئ بالورود الحمراء ذات الرائحة الطيبة المشعة بالحب والغرام هل أحبته هل هذا هو شعور المحبين أن تطير الفراشات داخل معدتهم وأن يخفق قلبهم وكأن هذا الخفقان طبول تقرع للإعلان عن حرب ضارية! هل هذه مشاعر العاشقين! أن يشعروا بأمواج البحر الثائرة مقبلة عليهم 
خرجت من شرودها على صوت هاتفها المزعج الذي يدق يعلنها بوصول مكالمة إليها من هذا المزعج في هذا الوقت المتأخر من الليل
أقتربت منه سريعا حتى لا تستفيق وعد تخرسه وهي تنظر إلى شاشته الذي أنارت بإسم عاصم
رفرف قلبها ودق في ذات الوقت وارتسمت الابتسامة على شفتيها بفرحة وسعادة وهي لا تشعر إلا بفراشات الحب تطير داخل معدتها تعلنها بأنها أحبته حقا!
استقر الهاتف بين يدها بعد أن انتهت المكالمة ولم تجيب عليها بسبب كثرة المشاعر الذي زارتها وجعلتها تنظر إلى الهاتف بعدم تصديق وتعيد على عقلها كل ما كانت تقوله منذ قليل 
نظرت إليه بيأس وانزعاج لأنها لم تجيب عليه وعلقت ملامح وجهها بشدة وهي تلقي الهاتف جوارها على الفراش بحزن لكن ما لبست إلا وجدته يعلن عن وصول المكالمة إليها مرة أخرى أخذته سريعا تنظر إليه وعندما وجدته هو يعاود الاتصال لم تنتظر كثيرا وأجابت متلهفة
أيوة
أجابها من الناحية الأخرى بصوته الرخيم يتحدث
فكرتك نمتي
وقفت على قدميها تسير في الغرفة وهي تحادثه وقالت بنفي سريعا
لأ لأ أنا صاحية
سألها بتطفل
مردتيش ليه أول مرة طالما صاحية
أجابته وهي تكذب عليه فلا تستطيع قول أنها كانت تنظر إليه ولا تستطيع الإجابة بسبب المشاعر الذي حاوطتها بحبه
ملحقتش أرد عليه أصلي كنت بعيدة عنه
استنكر حديثها وهو يجيب عليها قائلا بيقين وهو يعلم أنها لا تترك الهاتف من يدها
بعيدة عنه! أنتي من ساعة ما أخدتيه تاني وأنا حاسس إن مافيش في حياتك غيره
أردفت بجدية تسرد عليه ما يحدث معها ليجعلها تبقى طوال الوقت جليسة مع هاتفها وهي تشير بيدها وكأنه يراها تسير في الغرفة
أصل بصراحة الجو ملل أوي هنا يا إما نتفرج على التلفزيون يا إما أقعد مع زينة أو وعد يا أما الموبايل وأنت عارف جبل من وقت ما تعب طول ماهو هنا زينة بتعمله كل حاجه ووعد رجعلها التابلت ف مافيش حاجه أعملها غير أقعد على الموبايل
سألها بغلظة متهكما
وبقيت الناس اللي في القصر مش مقامك ولا ايه
وقفت في موضعها وسألته بتوتر
أقولك بصراحة!
أومأ برأسه وقال بجدية ورفق
أكيد
قالت پخوف وهي تتذكر نظرات والدة زوج شقيقتها لها وللجميع وأكملت بانزعاج وضيق من شقيقته
طنط وجيدة بخاف منها نظراتها غريبة وتخوف وبتتكلم بجد أوي إنما فرح دي متكبرة أوي وپتكرهني أصلا
ضيق ما بين حاجبيه واستنكر قولها فسألها بجدية ليعلم ما الذي بينها وبين فرح
بتكرهك ليه
قالت بلا مبالاة وهدوء وهي لا تدري ما الذي يفكر به
معرفش بس من وقت ما جيت بتعاملني وحش أوي وبترمي كلام وحش ف كبرت دماغي منها بقى
صمت قليلا ثم قال بمرح يشاكسها
أنتي بتعرفي تكبري دماغك أهو
ابتسمت بسعادة وهي تمازحه قائلة
طبعا أنا أعجبك
تحرك في الحديقة وهو ينظر إلى شرفة الغرفة الموصدة ومن خلفها تظهر إنارة الأضواء الخاڤتة قال بسخرية
لأ منا عارف أنتي كبيرة مش صغيرة وتعرفي تعملي

كل حاجه
سألته بانزعاج واقفة في موضعها
أنت بتتريق ولا ايه
أجابها بلين يأكل ما بقي من عقلها
أنا أقدر اتريق عليكي بردو
أكملت سيرها مرة أخرى وتفوهت بجدية متسائلة بعد أن شعرت بالملل يسيطر عليها
بقولك يا عاصم هو أنا مقدرش أخرج بره القصر أمشي في الجزيرة أشوف الناس أي حاجه أنا بجد زهقت
حاصرها بسؤاله الخبيث وهو يبتسم باتساع
اشمعنى أنا بقى اللي بتقوليله
ارتبكت كثيرا وصمتت قليلا وهي تنظر إلى الأمام بوجنتين حمراء للغاية اشتعلت من شدة الخجل فلا توجد إجابة مناسبة ولكنها أردفت
مش مش أنت صاحبي بردو
مرة أخرى بمكر يحاول إخراج الكلمات منها وهو يعلم أنها الآن ټموت خجلا
صاحبك بس!
هربت من محاولة محاصرة لها وقالت متسائلة بصوت خاڤت رقيق
هتخرجني
أومأ بالموافقة ولكنه مصر على اخجالها بحديثه الماكر
الخبيث الذي يعلم أثره جيدا
ماشي هخرجك بس بشرط
سألته باستغراب
ايه هو
رد بمنتهى البساطة وخشونة صوته تثير ما بها ومع تلك اللهفة التي خرجت من بين كلماته واستشعرتها جيدا
اخرجي البلكونة عايز أشوفك
كررت كلمته مرة أخرى بذهول وخجل
تشوفني!
أومأ مرة أخرى
20  21  22 

انت في الصفحة 21 من 58 صفحات