الجمعة 29 نوفمبر 2024

جبل العامري بقلم ندى حسن

انت في الصفحة 40 من 58 صفحات

موقع أيام نيوز

إلى الخارج كي يذهب معها وما كاد إلا أن يتحدث وجدها تبعد ذراعيها عنها تومأ برأسها عدة مرات تعلمه باستقبالها اعترافه بكل سعادة وابتسامتها تتسع أكثر وأكثر تزيل عباراتها بأصابع يدها المرتجفة 
ابتسم بسعادة كبيرة غمرته الفرحة واللهفة للاقتراب منها ونيل عناق حاد يكسر فيه أضلعها في محيط جسده أومأ برأسه بسعادة غامرة وهو يقول غير مصدق
أيوه! بجد
مرة أخرى أومأت له برأسها وتناثرت فراشات الحب بينهم وهو على بعد خطوات منها ينظر إليها بهيام وغرام عينيها يناديه إلى الأعمق من وقلبه يشتهي القرب وجسده يآن متالما ابتعادها تلك المسافة 
كبت جموح نفسه واخرس نبضات قلبه ينظر إلى زرقة عينيها وبريق العشق داخلها خجلها وما به من نهر تبحر داخله تغوص ولا تريد العودة أبدا حتى وإن قارب على الڠرق ملامح طفلة بريئة لا يريد الابتعاد عنها ولا تركها لغيره لا يريد إلا أن تكون له ملكه ومعه هو فقط ينظر إليها وإلى كل ما بها معترفا بأن الحب لا مثيل له وخاصة إن كان بالرضا والحلال
هبطت بنظرات عينيها إلى الأرضية بعدما بلغ الخجل ذروته ملامحه الرجولية وصوته الأجش المعترف بحبه لها أغراها وجعل الغنج يتملكها عيناه الحادة التي لانت فقط عندما رأى خۏفها جسده الصلب الذي يبتلعها أن وقفت أمامه لم يميل إلا عندما شعر بارتعاش جسدها 
أنه عاصم وكيف للحب أن يكون هكذا معه ضربات سريعة نبضات متكررة راكضة خجل ممېت نظرات تلقي بأسهم الحب والغرام جسد يشتهي القرب ولو بعد حين 
إنه الجوى الذي انكوت بنيرانه معه تعبر على جسر المشاعر المختلفة غير قادرة على تحديد أي منهم أهو حب لهفة غرام حنين شغف ړعبة وما
غير الهوى سيكون متعدد المشاعر! 
رأته يخرج من المرحاض يجفف خصلات شعره بمنشفة صغيرة بيده ينظر إلى الأرضية سيرا في الغرفة ولجت إليه حيث أنها كانت تقف في الشرفة تابعته بعينيها ورأت اللا مبالاة وهدوءه الذي يتحله دائما

فقالت بجدية تقترب منه واضعة يدها الاثنين أمام صدرها
مكنش ليه داعي كل اللي عملته 
ألقى بالمنشفة على الأريكة ونظر إليها بحدة وانفعال منذ الصباح تثرثر بنفس الحديث ولا يشغل تفكيرها إلا مظهرها أمامها كيف لها أن تقول ما حدث له بهذه السرعة! أليست زوجته هي! ضغط على حروف كلماته بانفعال يماثلها
بالنسبالي أنا ليه ستين داعي اتجرأت وعرضت عليكي أنها تهربك بعد كده هتعمل ايه لازم تقف عند حدها يا إما ترجع مكان ما جت
رفعت حاجبيها تعمق نظرها وتفكيرها في انفعاله الزائد عن حده وأردفت ببرود متسائلة
هو أنت محموق كده ليه! أنا مش فاهمه 
عبثت ملامحه زافرا الهواء من رئتيه بانزعاج شديد قائلا بحدة يتقدم منها
محموق علشان كنت متوقع تهربي لو كان اللي في دماغي صح وهي نجحت أنها تخرجك بره الجزيرة كان زماني بدور عليكي ومش لاقيكي 
بادرت بالكلمات وهي تبتسم بزاوية فمها تسخر منه مردفة
وأنا أهمك في ايه
اشاح إليها بيده بهمجية ينظر إليها باستغراب شديد وعيناه تطلق الشرر نحوها فيكفي ما تخفيه عنه
أنتي مراتي بلاش جنان 
لحظات من الصمت حلت عليهما معا شعرت بحړقة تخرج من بين شفتيه مع نطقه بتلك الكلمات البسيطة التي تدل على أنها ملكه هو حمحمت واعتدلت في وقفتها قائلة برفق
بس أنا مش ههرب يا جبل متقلقش يوم ما أطلع من هنا هيبقى بمزاجك ومزاجي
ابتسم ساخرا يشير إليها بيده باعثا إليها اليأس من خلال نبرة صوته الساخرة ونظراته المتهكمة بسبب حديثها
يبقى كده مش هتخرجي من الجزيرة أبدا
أبتعد من أمامها في الغرفة فعادت للخلف تتمسك بأحد أعمدة الفراش تنظر إليه وهو منشغل عنها يعطي إليها ظهره تذكرت ما حدث في الجبل وهي أخفته عنه طوال الوقت تفكر وتحاول الوصول إلى أي شيء تبحث بين العاملات في المنزل تحاول أن تأخذ الحديث منهن عنوة ولكن لا فائدة لا والدته تتحدث ولا شقيقته وليس هناك ما تستطيع الوصول إليه من خلال أي أحد وإن لم تقدم خطوة للأمام ستبقى حقا عمرها كله هنا دون معرفة شيء ولن ترحل كما قال 
تنهدت بصوت مرتفع وتابعته قائلة بتردد وخوف من نتيجة ما تريد فعله
أنا عايزة اعترفلك بحاجة 
استقام في وقفته واستدار ناظرا إليها بهدوء دون انفعال يتابعها منتظرا أن تقول ما يريد أن يستمع إليه
حاجة ايه 
ابتلعت غصة وقفت بجوفها عرقلت الحديث على شفتيها أبصرت عيناه الحادة بتوتر شديد والرهبة ټقتلها
أنا خرجت وراك وأنت في الجبل
ظل يتابعها بأعين مفترسة تفترس كل انش بوجهها تتابع حركاتها دون حديث ينظر إلى ارتجاف جسدها وخۏفها الشديد منه اخفضت عينيها عندما أطال هو النظر تبتعد عن محاصرته لها والتي لم تفهم منها ما الذي يشعر به الڠضب مما فعلته أو الصدمة مازالت تلجمه أخرجت الهاتف من بنطالها وفتحته تقدم إليه التسجيل قائلة بصوت واثق محاولة الثبات أمامه
وصورت كل اللي حصل ووصلني أنك زي ما قولت بس أنا لسه رافضة ده معرفش ليه حتى 
جلست خلفها على الفراش حائرة خائرة القوى لا تدري لما لا تصدق ما هو عليه ولا تدري لما إلى الآن تلتمس العذر لوجودها
قالت تنظر إليه باستغراب والحيرة تنهش عقلها تشتته أكثر مما هو عليه
واللي أكد رفضي الراجل اللي كان بيصوركم يا أما هو معاك يا إما هو ضدك 
أقترب منها وأخذ الهاتف من يدها منفعلا بضراوة مما فعلته يصيح بصوت حاد خشن ناظرا إليها بحدة
أنا عارف إنك خرجتي ورايا وكنت مستني إنك تيجي تقولي لكن مكنتش أعرف أنك صورتي اللي حصل 
لم
تستطع الحديث أمام نظراته عليها التي اربكتها للغاية دوما كانت لا تخاف لا تهاب أحد ما دام ما تفعله لا يغضب أحد ولا يؤذيه ولكنه الوحيد الذي جعل قلبها يرتعش داخل قفصها الصدري وتخاف من تلك اللحظات الھمجية التي يمر بها 
اخترق صوته أذنها يسأل باحتدام وحنق
صورتي ليه
خرجت منها تنهيدة أكثر حيرة وارتباك فهي إلى الآن لا تجد سبب واضح وصريح فعلت هذا من أجله قالت بتشتت
معرفش يمكن علشان يبقى دليل في ايدي يدينك رغم إنك مش ظاهر أو يبقى سبيل الخروج لو حبيت بعد كده بجد معرفش بس لقيتني بعمل كده 
عبث بالهاتف بعد أن استمع حديثها قليلا يتمسك به ثم أقترب يقف أمامها شامخا يلقيه جوارها على الفراش قائلا بحدة وشماته
واديني محتلك سبيل الخروج 
أكمل مبتسما بشړ وسخرية بذات الوقت يقترب بيده منها يملس عليها برفق
علشان مافيش خروج يا غزال 
تعلقت بعينيه تذكرت ذلك الرجل متعجبة لتقل دون إنذار
مشوفتش منك رد فعل على الراجل اللي كان بيصورك 
أبتعد يرسم الحيرة على وجهه واضعا يده الاثنين بجيوب بنطاله يقف شامخا كما عادته في تلك المواقف قائلا بقسۏة ظاهرة عليه
هعرفه متقلقيش 
أبتعد أكثر ليخرج من الغرفة فوقفت سريعا وجذبته من ذراعه متعلقة به تحيط عينيه بنظراتها المتوسلة وملامحها الواهية ونبرة صوتها تخرج بخفوت وارهاق
جبل مش عايز تقولي حاجه!
حرك عينيه عليها ينظر إلى كل ما بها ويصل

إليه شعورها يدلف قلبه مباشرة شاعرا بالشفقة نحوها تسائل بخشونة
حاجه زي ايه 
لمست الشفقة في نظرته نحوها فحاولت أن تستعطفه أكثر وهي تحيد عليه متمسكه به أكثر قائلة بلين ورفق
حاجه تبرأك قدامي 
قهقه ضاحكا بصوت مرتفع مفتعلا جلجلة في الغرفة وهو ينظر إليها باستهزاء
ومين قالك إني عايز ابقى برئ قدامك
ضغطت على ذراعه بيدها بين قبضتها القوية ترفع عينيها إليه متفوه تتوسله
أنا عايزة 
شعر أنها تتمادى أكثر كل يوم وفي كل جلسة وتجرأت أكثر عندما أصبح لين معها يتحدث برفق واريحية مبتعدا عما كان يفعله معها سابقا 
أراد أن يذكرها أنه هو مثلما كان لم يتغير به شيء يخبرها أنه المتحكم الوحيد في كل ما يفعله إن كان لين أو قسۏة
زينة جبل بتاع دلوقتي هو نفسه بتاع قبل كده أنا بس اللي متهاون معاكي لكن كل ده بايدي أنا متفكريش إني ضعفت أو اتغيرت أنا هو جبل العامري اللي مشوفتيش أقذر منه
تركت يده وابتعدت للخلف نادمة على ما أقدمت عليه معه فهو كلما أرادت القرب لفهم وإدراك ما يحدث صدمها في حائط صلبه وقسوته عقبت على حديثه بقلة حيلة
وأنا لسه زينة اللي وقفت قصادك في كل حاجه قولتها بس بحاول ألاقي حاجه كويسه فيك هتقولي ليه هقولك معرفش بس يمكن علشان رضيت ابقى هنا وفي نفس الوقت مش عايزة ابقى مع مچرم 
ابتسم باستهزاء شديد مبتعدا عنها متقدما من باب الغرفة قائلا بخبث وحقارة
اللي فات كان نزاهة وبراءة اللي جاي كله إجرام 
فتح باب الغرفة تحت أعينها بحقارته وتلك النظرة الدنيئة ما كاد إلا يخرج ولكنه وجد شقيقته فرح تقف أمام باب الغرفة قاربت على دقه لكي تناديه ولكنه سبقها وفتحه
سألها مضيقا عينه عليها
مالك
أجابته بنظرة حزينة وصوت مرهق ضعيف
عايزة أتكلم معاك 
أشار إليها بالولوج إلى الداخل دلفت تنظر إلى زينة نظرة عادية خالية من أي مشاعر جلست على الأريكة فأغلق الباب وعاد مرة أخرى إلى الداخل ليجلس أمامها على المقعد متسائلا بنبرة اعتيادية
اتكلمي 
رفعت بصرها إلى زينة مرة أخرى فشعرت أنها لا تبتغي وجودها لتستمع إلى الحديث الذي سيدور بينهم فتقدمت زينة تخرج من الغرفة قائلة
أنا هنزل تحت 
عرقلت طريقها فرح عندما اعترضت على حديثها قائلة
خليكي يا زينة 
صمتت
كثيرا بعدما عادت إلى الداخل تجلس على الفراش فوضع جبل مفصل يده على ذراع المقعد يستند بإصبعيه السبابة والإبهام على وجهه بحركته المعتادة دليل على الملل الذي يشعر به 
خرج صوته ببرود
مطولين إحنا 
ترقرقت الدموع بعيونها وهي تنظر إليه هبطت بها إلى الأرضية تحرك أهدابها وارتجف جسدها خوفا مما هي مقدمة عليه ثم قالت متعلثمة
أنا عملت مصېبة 
اعتدل في جلسته عندما شاهد حالتها التي تغيرت مئة وثمانون درجة ينظر إليها بتمعن شديد متسائلا بقوة
عملتي ايه 
اجهشت في البكاء بعدما سألها فوقفت زينة تنظر إليها باستغراب لترفع فرح إحدى عينيها وهي تبقى قائلة دون سابق إنذار تلقي قنبلة موقوتة داخل مجلسهم
أنا حامل 
هب جبل واقفا تجتاح خلايا جسده بالكامل الصدمة والذهول ينظر إليها پغضب عارم وقسۏة خالصة ممېته قهرية على حالها 
وضعت زينة يدها على فمها تشهق پعنف غير مستوعبة تلك الصدمة وباغتتهم بسؤال عڼيف
مين عمل كده!
بقي هو على حاله ينظر إليها تفور الډماء بعروقه يشعر بتضخم رأسه وتأجج النيران داخله وما كاد إلا أن ينقض عليها بعدما تحولت عيناه إلى السواد الحالك بسبب كثرة الڠضب والاشتعال الموقوت ولكنه توقف عندما تفوهت باكية 
عاصم عاصم اللي عمل كده
صدمة لم تلجم ألسنة الجميع بل ألجمت عقولهم وتفوقت على إدراكهم لأي حقيقة أخرى معلنة عن شلل موقت لبدن كل من استمع اسم
39  40  41 

انت في الصفحة 40 من 58 صفحات