الجمعة 29 نوفمبر 2024

جبل العامري بقلم ندى حسن

انت في الصفحة 37 من 58 صفحات

موقع أيام نيوز

وهي تتمايل أمامه بدلال وابتسامة هادئة فعلتها
مافيش ازيك الأول
ابتسم يبادلها الهدوء والبساطة وقال متأسفا يسألها
معلش أنا آسف ازيك عامله ايه
أجابته برقة وهدوء متسائلة عن أحواله
كويسه أنت عامل ايه
أجابها ولم يعطي إليها الفرصة للحديث مرة أخرى باغتها متسائلا عن سبب طلبها له هنا
تمام كويس ها في ايه
تصنعت الحزن وهي تقول مغيرة تعابير وجهها وصوتها هادئ ولكنه عابس بسبب سرعته وإرادته في الرحيل عنها
مالك أنت مش عايز تقف معايا ولا ايه أنا حلوة على فكرة
ابتسم بهدوء يسألها ثم يصحح لها حديثها يغازلها باحترام حتى لا تحزن من حديثه واستعجاله معللا لها سبب ذلك
حد قال عليكي وحشه أنتي ست البنات بس أنا عندي شغل
تلهفت
أكد ما قاله بجدية شديدة ولم يكن يقصد الغزل حقا ولكنه لم يكن يريد أن تعبث ملامحها وتحزن بسببه وهي من قالت أنها ليست بشعة فكان من المفترض أن ينفي ذلك
أكيد يا فرح أنتي جميلة
اتسعت ابتسامتها وظهرت من خلفها أسنانها البيضاء معتقدة أن مهمتها بهذه الطريقة ستكون أسهل بكثير
عاصم أنا أنا كنت عايزة أقولك حاجه مهمة أوي
أومأ إليها متعجلا يسألها
تمام قولي مالك في ايه
حاولت الحديث متعلثمة
أنا بجد حاسه 
لم تستطع أن تكمل وتخرج كل ما كان في جوفها فوقفت صامتة تنظر إلى الأرضية خجله مما تريد قوله
أخذ الحديث منها بطريقة أخرى وصب تركيزه في عمله فسألها بقوة وتمعن
حاسه ايه في حركة مش مظبوطة في القصر ولا ايه
نفيت سريعا مشيرة بيدها معقبة بانزعاج وضيق
لأ لأ قصر ايه بس
اقتضبت ملامحه بسبب تأخيرها وحديثها المتقطع أو الذي بدون فائدة فقال بحدة
اومال ايه بس يا فرح ما تتكلمي
أخذت نفس عميق وأخرجته ثم نظرت إليه تحاول دفع نفسها في الحديث قائلة له ما تشعر به في الأيام الماضية وقلبها يرفرف لأنها تعترف له بمكنونه
أنا أنا مش مركزة في حاجه طول الوقت بفكر وبالي مشغول قلبي وعقلي مشغولين بحاجه واحدة بس مش قادرة أبطل تفكير فيها
انزعج أكثر من اللازم وهو ينظر إلى تفاهاتها وهذا الهراء الذي تقوله له وما ډخله من الأساس تحدث يسألها بجدية والضيق يظهر على ملامحه
أنتي جيباني هنا علشان تقولي الكلام ده حاجه ايه يا فرح انجزي
باغتته بقولها السريع المتلهف ونظرة عينيها نحوه حالمة طائرة فوق السحاب وكأنه استمع إلى ما قالته وأجاب بالموافقة
أنت
أشار إلى نفسه بعدم فهم ولم يربط الحديث ببعضه متسائلا
أنا حاجه أنا حاجه إزاي يعني
أقتربت منه أكثر تبحر بعينيها داخل عيناه ترتفع على أطراف أصابعها لتقابله بذلك الطول الفارع
أنت اللي بفكر فيه يا عاصم بالي مشغول بيك دايما وقلبي لما بيشوفك بيدق أوي لحد ما بحس أنه هيقف بعد كده حتى عقلي
تابعت تكمل حديثها الحاني ونبرتها الرقيقة تتردد في أذنه ينظر إليها باستغراب تام غير مصدق أنها تجرأت وقالت له هذا الحديث
عقلي مش مبطل تفكير فيك وخيالي كل شوية يسرح ويفتكرك بجد مش عارفه أعيش كده
تصنع عدم الفهم على الرغم من أن أي حد يستطيع فهم المبتغى مما قالته ولكنه كي يبعث إليها رسالة أن هذا مرفوض تماما قال مبتسما
أنا عملت ايه لكل ده
اعترفت بها صريحة وواضحة وشعورها نحوه بالحب يزداد ويكبر أكثر من اللازم تنظر إليه بهيمنه وافتتان
عاصم أنا بحبك بحبك أوي وبموت فيك كمان مافيش واحد على الجزيرة كلها زيك مافيش أحسن منك ولا حتى يشبهلك
قضبت ملامح وجهه بالانزعاج والضيق وأظهر إليها الجدية الخالصة قائلا
فرح أنتي عارفه أنتي بتقولي ايه
أقتربت منه تتمسك بيده تضغط عليها بقوة تحسه على التحرك نحوها والاعتراف بما داخله تبعث إليه نظرات شاعرية لو أحد غيره لانتهز الفرصة وسرقها
بقولك الحقيقة أنا بحبك وعايزاك
عاد للخلف مبتعدا عنها سريعا باعدا يدها التي أقتربت منه وصاح قائلا بقسۏة وغلظة شديدة وهو يشير إليها لتذهب من أمامه
أنتي لسه صغيرة ومش فاهمه أنتي بتقولي ايه انسي الهبل ده واطلعي يلا
استغربت ما قاله وضيقت حاجبيها تعقب
صغيرة صغيرة إزاي بقى كل ده صغيرة
الټفت حول نفسها وهي تقول تلك الكلمات تظهر إليه جسدها الأنثوي ومفاتها لتستطيع أن تغريه بها
ارتفع صوته بعدما اغضبته بشدة بسبب هذه الفعلة الجريئة والدنيئة للغاية
اطلعي يا فرح يلا
أشارت إلى نفسها ترفض ما يأمرها به موضحة له مصرة على موقفها معه وتريد لو يبادلها ما تشعر به لتلتحم معه في عناق قاسې تشعر داخله بأنها ملكه
عاصم أنا مش صغيرة ولا حتى أنت صغير أنا عارفه أنا بقول ايه وبعمل ايه
مرة أخرى پغضب وقسۏة قال
لأ أنتي لسه صغيرة ومش فاهمه حاجه 
تغيرت ملامح وجهها إلى الانزعاج والضيق هي عندما
تلاته وعشرين سنة مش صغيرة
أشار إليها بيده لتذهب من أمامه
اطلعي يا فرح يلا وتنسي كل اللي قولتيه ده
أقتربت منه ثانية محاولة التأثير
عليه وهي تتحدث برقة
طب قولي أنت بتحبني ولا لأ
بمنتهى السهولة والقسۏة وبكل الإخلاص داخله واللا مبالاة بمشاعرها قال
أكيد لأ أنتي أخت صاحبي مش أكتر وأنتي

بكرة تعقلي وتنسي كل ده
نظرت إليه نظرات ڼارية محتقرة واشټعل فتيل الڠضب داخلها بسبب رفضه لها بتلك الطريقة المهينة القاسېة تقول غير مصدقة
ايه
أجاب ببرود
اللي سمعتيه
أبصرها بقوة وعنجهيته ظهرت في نظرته فبقيت بالنسبة إليها تكبر عليها ومن بعد هذه النظرة رحل وتركها تقف وحدها ولم يفكر لحظة فيما قد يمر بها أو تمر به تاركا خلفه أنثى مطعونة بقسۏة وغرور ملقاة أسفل قدمه بعد أن قدمت نفسها إليه وهو من قام برفضها 
خرجت من شرودها وهي مازالت تنظر إليه إلى تكبره وعنجهيته إلى ثقته من نفسه وغروره الواضح إلى قوته وعنفوانه تنظر إلى رجل لن يتكرر ولكنه رفضها وهي لن تنسى ذلك ولن تصمت عنه ولكن لكل شيء موعد 
جلست زينة في حديقة القصر نهار اليوم التالي تنظر إلى ابنتها التي كانت تركض هي وشقيقتها يتمازحون سويا 
شعرت بمن يجلس جوارها ف أدارت رأسها لتبصر تمارا هي من أتت إليها ابتسمت لها بعملية وعادت تنظر إلى شقيقتها وابنتها غير مبالية بتلك التي أتت لها ولم تعيرها أدنى اهتمام 
ابتسمت تمارا بسخرية وهي تلاحظ عدم اهتمامها بها أو بالأحرى تجاهلها لها وكأنها لم تراها من الأساس 
استمعت زينة إلى صوت تمارا يخرج بسخرية واستهزاء
مش أنا عرفت يا زينة سبب جوازك من جبل
استدارت معتدلة تنظر إليها باستغراب ثم سألتها قائلة
وايه هو السبب تصدقي إني لحد دلوقتي معرفش السبب
حركت تمارا حاجبيها بطريقة تدل على عدم تصديقها قائلة بسخرية
ده بجد
أغاظتها زينة بقوة وهي تردف
أكيد مش مصدقة حقك بصراحة أصل الأسباب كانت كتيرة منها أن جبل مقدرش يخليني اسيبه وأمشي
ألقت كلمات ذات مغزى بتهكم واستعلاء
وأنا بصراحة مش زي حد مقدرتش أبعد عنه
كتمت الأخرى غيظها منها ونظرت إليها بعمق ونظراتها مشټعلة بنيران الغيرة والحقد عليها ولكنها شددت على نفسها قائلة
غريبة أصلي عرفت إنك حاولتي تهربي
ابتسمت إليها وأكملت على حديثها بالكذب لتشعرها بالغيرة أكثر
آه حاولت بس الحمدلله إني معرفتش أهرب كنت هعيش ندمانه طول عمري إزاي اسيب جبل واسيبه لمين
اتسعت ابتسامة تمارا وهي تدري أنها كاذبة فقالت بجدية شديدة
ما تيجي معايا دوغري يا زينة 
سألتها زينة باستغراب
أكتر من كده
عقبت قائلة ما حدث وملامح وجهها تشير إلى أنها تعلم كل شيء قائلة من خلالهم لا مجال للكذب
أنا عرفت إنك كنتي عايزة ورثك مش أكتر بس مرات عمي وجبل عايزين وعد ومكنش فيه حل غير إنك تتجوزيه وأنتي كنتي رافضة واتجوزتي ڠصب
حركت كتفيها بدلال وقالت بنبرة هادئة ترفرف بعينيها السوداء
ده كلام حقيقي بس مافيش حاجه بتفضل على حالها يا تمارا كل حاجه وارد تتغير
صمتت قليلا وهي تراها مصرة على الكذب وإظهار أن كل ما بينها وبينه على ما يرام وأكثر من ذلك متجهة إلى طريق الحب تأخذ مكانها بقلبه وحياته 
قالت بجدية وعمق دون سابق إنذار
ولو سمحتلك الفرصة تهربي وارد بردو كل حاجه تتغير من تاني
بادلتها النظرات المستفهمة واعتدلت في جلستها تصب تركيزها عليها متسائلة
قصدك ايه
ابتسمت عندما جذبت انتباهها إليها بهذه الطريقة وأدركت أن ما أرادته سيحدث لا محال فهي كاذبة كبيرة فقط عندما أتت على ذكر الهرب عمقت تركيزها نحوها وكأنها طوق النجاة 
قالت بنبرة جدية تحمل داخلها الثقة والتأكيد على كل حرف يخرج من بين شفتيها
أنا أقدر اهربك من الجزيرة من غير نقطة ډم ولا طرفة عين أنا بس اللي ممكن أعمل كده عارفه كل مكان فيها وإزاي تخرجي بسلام من غير ما مخلوق يشوفك كفاية إني من عيلة العامري عندي حصانة
وجدت زينة تنظر إليها دون حديث يعبر عما يجول بخاطرها فقالت مستفسرة
قولتي ايه
كانت هي في عالم آخر تفكر في تلك الفرصة الذهبية التي أتت إليها على طبق من ذهب هذه هي الفرصة التي كانت في انتظارها الهروب والفرار من جزيرة العامري دون أن يمسها سوء هي وعائلتها كانت في انتظار أن يقوم أحد من قلب العائلة أو الجزيرة بعرض عليها هذه الفكرة لمساعدتها في النجاة بحياتها ومن معها 
لطالما كانت تتوق لخوض هذه التجربة والمرور بهذه اللحظة لا مجال للرفض
أو التفكير 
هو الفرار وليس غيره لا محال
مررت بأبشع الطرق المؤذية عبرت ممرات وجلست بين ازقه الحزن ركضت بين دروب القسۏة ولم أجد يوما مأوى يحتويني بحب تربت جدرانه على أكتافي بحنو و لم أحصل على كتف يمتص آلام روحي وعناء قلبي مكثت وحيدة لليالي طويلة أعاني من كثرة آنات الغدر المصاحبة للقسۏة والعڼف وأن سمحت الفرصة بالفرار من بلدة لم يشهد قلبي بين شوارعها سوى الأسى والتعاسة فلن يكن هناك قرار آخر ولن أدع الحكم لقلب أو لعقل إما الفرار أو الفرار 
يتبع
رواية سجينة جبل العامري
للكاتبة ندا حسن
سجينة جبل العامري
الفصل الخامس عشر
ندا حسن
قاربت على لمس الحب والشعور بلهفة العشق مررت بلوعة الاشتياق فلا تعترض على مرارة الكبرياء ولا تحزن عزيزي من كسرة الأحباب
بعد تفكير دام طويلا ونظرات يتبادلونها الاثنين واحدة لا تبغي إلا تحقيق حلمها بذهاب غريمتها من الجزيرة بأكملها لتبقى هي

الوحيدة معه فيعود عما يفعله ويترك كبريائه على أحد جوانب مڈلة الحب 
أما الأخرى طال تفكيرها في كيفية الهروب ولما! ترك الجزيرة وجبل ترك حقيقة زوجها وماضي عائلة ابنتها 
هل ستذهب ولن تنظر وراءها ماذا عن الوعد الذي قطعته لجبل أنها هي المرأة التي ستكشف كل شيء وستهدم شموخه وقوته وتجعله يعود محملا بالخيبات معترفا بحريتها معترفا بأنه لم يكن جديرا بها ولم يستطع ترويضها 
خرج صوتها حاد واثق ومازال عقلها يعمل ك آلة لا تتوقف عن الدوران تأتي بكل الأفكار وتحاول تجميع كل الخيوط
لأ يا تمارا أنا مش عايزة أهرب
36  37  38 

انت في الصفحة 37 من 58 صفحات